الأسوياء .. للكاتبة علا السردي

الأسوياء



الأسوياء في هذا العالم مملون ... يتبعون القوانين الرتيبة و ينامون باكراً و يحبون التأنق ... يتمنون في قرارة أنفسهم أن ينسلخوا عن الجاذبية الأرضية ، ليحلقوا بعيداً عنا نحن المجانين ،.. في الأمس التقيت بأحد أصدقائي القدامى .. كنت أفوقه ذكاءً بمراحل .. عرفني بنفسه أنه أصبح الدكتور فلان و أنا عرفته بنفسي أنني أصبحت الكاتب فلان .. لم تعجبه قهوتي ( السادة ) و لا قبعتي ( الروسية ) .. وحين أسهبت في الحديث عن تشيخوف و توليستوي رمقني بنظرةٍ غريبة و كأنه يقول ( شو بيقربولك هظول ) ... و حين أراد ( مسايرتي ) في الكلام .. شرع يشرح لي عن أعضاء الجسد ،و وظائفه الحيوية .. أدركت أنه من جماعة ( الأسوياء ) و هو أدرك أنني من جماعة ( المجانين ) .. وحين غادر سمعته يتمتم قائلاً ( معتوه ) .. وصلت إلى بيتي ، ولجت مكتبي ، استدعيت على عجل قلمي و ورقتي .. شعرت أنني أطير برفقتهما .. انسلخت عن الجاذبية ، تعرفت إلى غيمتين رقيقتين كانتا تتجاذبان أطراف الحديث و تقهقهان في غنجٍ و دلال ... .. رافقت النجوم إلى مخدعها السري الذي تأوي إليه كل صباح ... شربت قهوتي السادة برفقة القمر و تحدثنا طويلاً عن حبيبتي ... ما أجمل أن تكون مجنوناً كي تفعل كل ذلك بجرة قلم .. أنتم أيها الأسوياء هل تستطيعون فعل ذلك !!
تباً كم أنتم مملون .. و كم أنا مجنون .

ليست هناك تعليقات :