* كـل يوم تعـود حبيبتي (26-29) *



* هـذا المســاء مغــايرٌ لعادات حبيبتي؛ فما عـادت تثِنُ العطــاءَ، وقلبها مبتـور من الحبِّ يندَّيـه النســيان، فإذا مـا مُزجَ عمرهــا بخشبِ الصندلِ – جدرانِ غرفتها السـرية - تمنـاكِ الخشبُ ولستِ تلينين، وأهدركِ العمرُ على الصندلِ فلستِ تزهدين بدفئك الذي دائماً تهبين. جــاحدةٌ حبيبتي جاحدة! كم مـرةً احتضنتِ العـود فـأجذلكِ بكـرم رهيف! كم مـرةً ضمتكِ تلك الغـرفة فهجرتهــا واحتـرفتِ الرحيـل! ومـاذا أقــول في حقيبتك التي حفظت وطأكِ الجبــلَ وقصص المديـنة، وتردد الحسدِ في عيــونِ العـابرين؟ كم يهواكِ الرجــال! وأنــا؛ ألا تذكرين كم ألهيتُ بسمــاتكِ عن القمـر، وغسلتُ وجهكِ بمــاء البحــر، وألبست جيدَكِ من الشمس جُـلَّ شعـاعها؟ ألا تذكرين كلما رشقنـا البحـر بالحجـارة، لا تصــل البحرُ، فتسألين: أسمعتَ أين وصـلت؟ أجيبك: أكيداً، البحــر. فكُـلُّه من أجــلكِ كي لا تنسـيْ أنكِ عدتِ، أيْ حبيبتي *

* تُسْــفِرُ وردةٌ دمشقيةٌ، تكتنفُ ساقَها أنـاملُه، عن كل ما فيها من عَـرَقِ الخِـلال؛ إذا ما ادمصَّــتِ شوكاتها دم أنامله وكفه، قنــأتِ الوردةُ؛ فأهداهـا لكِ حبيبتي ولم يتــألم. إلا أنكِ عندما ضربتهِ بهـا شكـراً، صرخَ من بأسِ الشـوكة، فقال: عندما تعـودين هـذا المسـاء سـأحضر لكِ بقية الوردِ ففيه الكثيـر من الأشــواك *

* على الرغم من كلِّ شيء حبيبتي، أحبك. لأجــلكِ حبيبتي ألمسُ الحنينَ بيدٍ نــاعمة حتى لا تخدشُهُ أناملي الغضـة، وأبقى كمَنْ لم يمضٍ يـوماً بعيداً عنكِ. ألا تغفرين لي حبيبتي وتعـودين إلى بيتنا هـذا المســاء؟ هـاه، مــا نفَعَ نداء الحبِّ، مـا نفعَ استجداء الهـوى الذي هويتني، وما وسني إلا إليكِ وما وطري أقضيهِ إلا بقـربك. فيـا أمَّ دَفـرِ، اتركي حبيبتي تعـدْ إليَّ فقد كسَفني الحـزن، وكاتمتُ على صدري حبك، وسجَّيْتُ معايبي وعدتُ كما عهدتِني سجيــراً سجيـرا *


ليست هناك تعليقات :