قلبها الكبير .قصة قصيرة.


قلبها الكبيـر/ أماني عاشور
ــــــــــــــ
مكْفهرٌ وجهُ هذا المساء..وغريبةٌ ألوان الأرائك و  وحيدة أعواد الكبريت.كلها بدون روح فقد انطفأت شعلتهاوابتلّت رؤوسها.

     
وبين الكراسي ملقاة أقلام.ملونة صفراء وبيضاء وبنيةوعلى جانب الأريكة الأيمن ..جلست ووضعت ثلاث شمعات على حجرها تنظر إليها

الشمعة الأولى مازالت بلفافتهاوالثانية منكسرة من طرفها السفلي والثالثة شمعة عجيبة

محفورة على شكل قلب جميل ، أخذ بفكرها؟؟وتساءلت كثيراًهل يهم أن تنكسر شمعة؟هل غريب أن يهديها شمعة؟ما معنى القلب المحفور هذا؟

على جانب الطاولة كاس ماء.أنزلت به الشمعة المكسورةوانتظرت أن تشتعل وبجوارها الدقتر المحترق..وضعت عليه الشمعة الجديدةوأخذت أعواد الكبريت بين يديها وراحت تحاول إشعالها فلم يشتعل أي عود معها

عبثاً تحاول..ولما يئست أطفأت الضوء..وخلعت عنها سواد أفكارها وركزت رأسها على حافة السرير.ومازالت الشمعة القلب بيدها.

القمر الفضي يعبر بين السحاب مرةويختفي قرب نجمة مرةما زالت تتخيل حرارة القلب في الشمعةوالشمعة لا تضيء والأعواد المبتلة مازالت واهنة.

تحت المقعد لمحت عوداُ مهاجراً مختبئاً خلف رجله وقفت فسقطت الشمعةوانكسر قلب الشمعة من منتصفه!!كيف كانت تلك السقطة قادرة على أن تقسمه هكذا؟؟لكن مازال الفتيل واصلاً للقسمين....أترى تقدر أن تشعل الفتيل ..؟

غطى ثوبها الفضفاض جانب الأرض قرب المقعد..مدت يدها لتحصل على العود..وانهال شعرها تحت المقعد..ولمعت خصلاته تحت ضوء القمر..وبين أصابعها المكتنزة .

حملته وعادت  إلى مكانها وكأنها تحمل كنزاً بين يديهاجلست قرب الطاولة وابتسمت وهي تحاول إشعال العودوفجأة ...اشتعل العود وأضاء وجهها جانب الغرفة فضحكت بعمق..الآن ستعرف كيف ستكون شعلة قلب الشمعة..

تمايل القمر خلف السحاب يبحث عن ثغرة حتى يراهاوبدأ القلب ينبعث منه رائحة زكية جديدة..وراح لهب الشعلة يتراقص مع هبوب النسيم الراقص على إطلالات القمرولأول مرة تفهم  أن الشمعة عندما تشتعل يتراقص لهبها ويتناقص ويتضاءل حجمها.

حتى انتهى القسم الأول المكسوروامتلأ سطح الطاولة بالشمعِ الذائبِ.غطت وجهها بيديها وغابت عن الشمعة والمكان ونسيت القمر والمساء...

وما ترّدّّد في ذهنها إلا كلماته..أخاف أن تقضي حياتك مثل شمعة من هذه الشمعات..وسألته أيهن؟؟أخذ يدها بين يديه ووضعها على صدره ثم وضع بها هذه الشمعات الثلاث.ولمَّا استدار راحلاً قال لها..أنت ستفهمين...!!!!
الآن هل فهمتْ !
تابع القمر فضوله من بين السحاب..وظل رداؤها الأخضر ملقى على الأرض.غفت قرب الشمعة ورأسها متكئ على كفها حتى تحولت الشمعةُ  إلى سائل مذاب.
 ما عاد له وهج وما عاد له شكل ورويداً رويداً تطايرت الرائحة الزكية عبر النسيم جمعها كلها السحاب وراح يمازح القمر..ويلون من جديد وجه المساء.






ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــ 

بقلمي.

أماني عاشور

ليست هناك تعليقات :