التحول ... للكاتبة علا عاشوري




أمام المرآة، كانت تقف هناك، بملامح دقيقة مكسوة بالغطرسة والصلف. عيونها الحادة باتت أكثر عمقاً بعد أن طالتها يد الزمان. ذات همجية شرسة، تتقن فنون القتال على اختلاف أشكالها، حتى استحالت أظافرها مخالب تمزق بها جميع من حولها. أنيابها بارزة مدببة مستعدة دائما للانقضاض والفتك بخصمها. لسانها المسلح بلاذع الكلمات بدا مشقوقا إلى، شعبتين ينفث السم كلما فتحت فاها.
حدقت فيها ملياً... تتخاطفني مئات الافكار، ففي ظلالها كانت تقف هناك مشوهة الوجه، هزيلة القد، خائرة القوى، تقبض على إنسانيتها بيد مرتعشة مدماة -كسائر أنحاء جسدها- بندوب الخيانة والكذب خيبات الأمل والغدر، وصمتها للذل، فزمانها لا يعترف بالوفاء والصدق والإخلاص. نبضها الضعيف كان يحمل أنين ليال طوال رافقت رحلة التحول، هنا عدت أدقق النظر؛ أتراها تحولت حقا أم ان ما أراه هو الحقيقة المرة التي تخفيها كما يفعل الآخرون؟! 
علا عاشور
عندما تتشوه كل الحقائق نضيع في دروب الزيف، تتغير كل الثوابت، ليصبح كل شئ يمثل نقيضه، حينها تختلط كل الأمور لدينا لنرى أنفسنا في مرآة واقعنا مشوهين، لنرى الجمال قبحاً والقوة ضعفا والضعف قوة، فتارة نرى أنفسنا وحوشاً شرسة وتارة مخلوقاتٍ ضعيفة تتمسك بأنسانيتها بيد مرتعشة دامية، فهل لهذه الروح أن تهدأ لتعرف أن ما تراه ليس الحقيقة التي تخفيها كما يفعل الآخرون؟

علا عاشوري 

هناك تعليق واحد :