* كـل يوم تعـود حبيبتي (1-19) *



* كـل يـوم حبيبتي أنــا الشــاهدُ عـلى أعجميتكِ، أنـا الوصــالُ لبقائِكِ، وتعــودينَ منمنمة رقيقة، ضبــابيَّة التفســير، عَيِّـية البـقاء *

* كُـل يـومٍ تعود حبيبتي من رحيــلها الجـامح وتفـاصيل دُروبها في سكـرةِ الدَّهـر وعشـقِ الـرُّوح *

* تأبى حبيبتي إلا أن تعــودَ بيومِهــا مشــطـوراً بما لهــا ومـا عليهــا *

* كلُّ يومٍ تعــودُ حبيبتي حـارسةً للشـاطئ، و هَدْيُهــا منــارةُ الجبـل، مرشـدةُ السفن إلى اليقين *

* اليـوم حبيبتي روح تقطـن في الجسد الصغير يبعثرهُ وحـل الدروب لأكـواخه البعيـدة، والنفس تهـزُّ رأسهـا دون بيـان *

* حبيبتي تحمــلُ حقيبةً، عمرهـا يومٌ واحدٌ، و طيُّهــا: يوم تعـود به للأمس، و تعـود به الآن، وستعـود به غداً *

* تعـود حبيبتي بحقيبتها، فـارغة، صـاعدة إلى أعـلى الجبـل تحملُ بـاقة زنبق *

* تشـرَّبَتْ حبيبتي أشعـةَ الشمس بدفقة أمـل، و حكـاياها طيَّ الحقيبـة *

* واليـومَ تعـودُ حـاملة حقيبتها، تمتلئ بمـا ظـهر و خفيَ *

* تعـود... و العمـلاق بوزنه في حقيبتها، جـرحـاً أزرقَ *

* تعـودُ فـرحة، مفعمةً بالحيـوية، مـا زالت مثقـلةً بالهمـوم *

* بحكمـة الشـيوخ تعـود حبيبتي اليــومَ، بعنفـوان شبابها، بكامل جمالها، وصبـا الصبيـان *

* تفـرُّ حبيبتي اليـومَ من جدوى إثبـات نظـرية في مواجهة ما تعلمته من أفـواه الرجـال مدى دهـر *

* تعـود حبيبتي بثبات يقين تلقيه في الحقيبة على ظهـرها *

* تُـطِـلُّ حبيبتي هـذا المســاءَ بثـبات الوجـود، تعصِـف بـالوحدة هـادرة في ذات الحقيبة *

* كل يـوم تعـود حبيبتي تردد على مســامعها أغنيـات الصـغار، وجعَ الكــبار، قَعقَعـةَ العجزة لتشفي حقيبة ظهـرها من رَتـقِ الهـروب *

* كـل يـومٍ تعـودُ حبيبتي بسِفرِ المدينة يزداد صفحةً كـاملة في الكمد، و ينقصُ صفحتين في السعـادة، تدفعُهُ في الحقيبـة، فتلفظه وزراً إلى جدها *

* في كـل مساء تعـود من وسط الزحـام حاملة حقيبتها يملؤها دخـان السـيارات وصراخ العـابرين وأفكـارها *

* كل يـوم تعود حبيبتي تجدُ جدّها في انتظـارها وعكازته قد امّحقت من ســواد خطاياها، ليست من اقترفتها، إنما الحقيبة *



هناك 4 تعليقات :

  1. شكراً محمد، أنت أول مرة بتقرأها ؟

    ردحذف
  2. حبيبتي تحمــلُ حقيبةً، عمرهـا يومٌ واحدٌ... لكنها مليئة بحكايات عمرها عمر الحقيقة أزلية باقية ، نص سريالي يقترب من الواقع ليرسمه بحقيبة وعكاز أبدعتي

    ردحذف
    الردود
    1. أستاذ محمد
      يسعدني قراءتك للسلسلة الأولى من "حبييتي".

      حذف