وما زلت تتوهمين


وما زلت تتوهمين....


أومأ برأسه وقد فهم، لما فاتته صلاة الفجر؟؟ فقد أولم الشيخ عليه حساء لزوجته النفساء، ولكنه لم يولم اليوم؟؟ قطعت حبل أفكاره وهي تحمل حقيبته، وشفتاها المكتنزتين ما زالتا تتحركان بصفوف الكلام:" لقد شحذت لك السكين، قول الله على رزقك ورزق العيال.."
 نظر على احتراز حوله، دار صامتا في نفسه:" العيال كم تحبين ترديد هذي الكلمة يا زريفة؟"
 تمتم في نفسه وهي تلهو بجديلتها وتلملم شعراتها الشقراء عن جلبابه الأزرق الذي يغطي ثوبه البني يرتديه في الشتاء، وفي الصيف يعدل عنه لقميص مائل للصفرة..
" وهو الذي تمزق من ثقل جسدك، زريفة تحبين الزلابية الممتلئة بالقطر وتتوهمين أنه الوحام لقد تورد وجهك زريفة، صرت يا امرأة أحلى وأجمل، ما أحلاها يدك الزبدة عندما تدفعين بها جسدي، فتظل تعمل فيه دوائر من الذبذبات.."
 ولكن الحي معتم هذا الصباح وبيت الشيخ عبد السلام بلا أفراح ولا زغاريد، أتراها حلمت بمنام زريفة وروته له حقيقة، ولكن الوجوه عابسة تطل إليه تتمايزه وهو يحمل حقيبته، وفيها عدة الرزق: الموس والقطن والمطهر والشاش..، ولكن العيون الحانقة تشكه في الأرض كدبوس وما يرمقه من تحت أكوام اللحم المتهدل على الجفن، تنخزه نظرات الشيخ فتحي..
"عجبا ما لي لا أكاد أفهمهم اليوم نهاري عدم، دون صلاة الفجر، ولا عجب أن زريفة شكت من شخيري.. يقيم الميت من بعد الممات.." تمتم حين تعلقت قدمه بالخف البلاستيكي الأزرق أول درجات الدار الخمس، كانوا جميعا مطأطئين الرؤوس، لا أحد يريد أن ينبس بحرف، سلم وإجابات متلعثمة ردت عليه بفتور هنا، واكتفت بالإنصات هناك..

ليست هناك تعليقات :