والناي علي الشط غني والتخيل بيميل ..أما أنا فأعجبني الديوان وكدت أكون رقما في سجلات الوطن...بقلم فاطمة الزهراء فلا

ما أكثر الشعراء الذين تغنوا بحب الوطن
(أيقونة الحرية) تنسج خيوط تأملٍ اعترف باختراقها لمساماته، وتحريكها لشوق قابع في شرايينه يدفعه نحو اعتراف أن لا شيء في المدى «سوى أنت، ورقم في سجلات الوطن رماد يتطاير... فوق يدي»، ثم «لاشيء سوى أنت، وصمت زوايا حائرة، وستائر أوهام»، وما ذاك إلا لأن وطنه لا مثيل له، وطن يبدو فيه المكان حيرة، والزمان لغزا يجعله ومحبوبته يختنقان يرتلان واحدة من أعظم سيمفونيات الحب ..يقول عبد المجيد خالد في سيمفونية الحبيبةوسمعت نقطة ف بحر...بتقول لنقطة ف نيل
الحبشي قدر يمنعك

والفاشي ممنعنيش

بتعايروا ليه بعضكم ؟
بعد ذلك انطلق لنص (نقطة ندي ع الحيط )وكانت انطلاقته تلك «من اللامعقول وصيتي لولدي حمزة، عن كلمات تختصر الوجع الساكن فيقصائد بلا لون , ولا صوت واستحضر لرحلته ألف غرام وألف سؤال عن «وطن أرسمه خارطة في أعماقي، أعزف منه تسابيح، تقاسيم على وشم جبيني من بيت إلي بيت , وإن لم يفهم البسطاء معانيها, فأولي أن نذريها..كم كان رائعا

ارتقى الشاعر المنصة وصوت (عزف الروح ونبض القصيد) خلف أضلاعه ينادي «يا بلادي يا بلادي يا بلادي، أنت يا أرجوزة من عزف روحي، أنت يا قيثارة في لحن شادِ»، ولا زال يرد أنتِ أنتِ؛ مستميحا سامعه العذر، معللا «هذه الأنات أشواقي وزادي، إنها ينبوع حب دافق باليمن والإيمان يجري للتلاد، إنه الحب الذي يسقى رويا، للبرايا من بلادي عن بلادي
الثورة جعلت المشاهد والمتابع للندوة يعشق الوطن من جديد ويتيقن أنه مجرد رقم , رقم قومي , وتموين وطابور عيش , وطابور سفر

عبّر فيها عن رسمه للوطن بصورة زاهية الألوان لما رسم الوطن في داخله جمالا وتربع في جهات دمه حتى سرى هيامه على ابتهالات صلواته فأزهرت في قلبه بذلك باقات حب تفدّي (في قصيدته الرائعة شريان حياة )، وطن لا يتعقد بإمكانية ارتقائه إلا بمعانقة جبينه لترابه الطاهر، فهو «وطن على ترب الخلود مجسد، سحرٌ تناثر فوق كل شجوني
وأنا اللي رسمت قلب وسهم
أنا العاشق أنا الولهان

أنا اللي ف اتشرد
أنا اللي بحبك اتمرد
أنا الفيضان
وآه حينما اجتاحت المصري الثورة كمياه الفيضان
.عندما تـُغرس الأحلام في شهقات الماء، عندما تغمض الأنثى غيوم اللقاء، عندما تسف الترابَ قهقهات الفناجين، فناجين تحصد الليل، عندما يكون الألم أملا، عندما يكون الوطن شعرا، ويكون الشعر وطنا وحرية ». بهذه الكلمات بدأ اللقاء مع عبد المجيد خالد مدرس الفيزياء ، وكان له مع (رقم في سجل الوطن ) جولة يعلم فيها أن ذلك يتم مع «الهواء الطلق حين يجتاز الشعور» ولذا، كان يرغب في امتطاء الحقيقة، ليمضي في امتزاج الوقت، في ظل أغنية يكتفي منها ببعض البوح قبل أن يخيم الليل الكئيب؛ فالألحان تتراكم في جسده

أما أنا ألعن السجن في الأشعار, والغربة حين تصلني الرسائل تحمل أخبار السوء والموت والفرح وانتظاري لأكفن أمي , وأقف علي باب المستشفي أسأل الطبيب
كانت للشاعرعبد المجيد خالد مصريته , من اسمها محفور في بطاقته الشخصية، إلى التي أخذ من أولها قبس القلق، ومن آخرها فاكهة الفردوس، إلى (شايلين هموم ملايين ) محاطة بالعشق من ست جهات غنى لها، دعا لها أن (أم الضفاير ) لتحفها الشمس بخيوط نور، ليس لأنك تفتقرين إلى النور فـ «أنت بيضاء من الداخل كالنسرين، لكن حكمة الأقدار شاءت هاهنا أن تلبسي ثوب السواد، كم توزعتِ على الكل مواويل غرام، وتواشيح وصال، وأبى قلبك أن ينحاز يوما لمن يوزعون الحلوي والورود ,وما السر ذلك إلا ما خلص به عبد المجيد أنها هي السجلات العجيبة والمريبة والحافلة بالتاريخ

كانت أمسية حافلة بعشق الوطن وتأججنا معها مثل فناجين القهوة التي تفور لكن المحنك الذي صنعها حافظ علي وش القهوة كما يقول العامة .
شارك في الأمسية بالقراءة د. أشرف حسن , وكانت قراءة ثرية , وأدارها الأديب محمد الخميسي صديق الشاعر الوفي .

ليست هناك تعليقات :