هذا الهواء إلخ.

هذا الهواءُ إلخ.، بقلم يوسف ماجد نايف

لم أفتقِدْ شيئاً سوى هذا الهواءْ

هل كنتُ في الماضي غبياً؟
كيف لا؟ والذكرياتُ جميعُها ضدِّي،
أحاولُ أن أكونَ بمستوى الناسِ الذين عرفتُهم
مع أنَّني أخفقْتُ في هذا مراراً..
إنَّ جسمي يرفضُ التحجيمَ، يرقُصُ في مداهُ
ويختفي مع ذكرياتي في الهواءْ

***

الحبُّ أوَّلُ ما رأيتُ وما فقدْتُ
الحبُّ أوَّلُ تضحياتي، أوَّلُ الخيباتِ

كم قلباً تكسَّرَ مَعْ فؤادي عندما أحببْتُ
أو إن كان مِن طَرَفي فحسبُ…
عرفْتُ - ثم نسِيتُ - أنَّ الحبَّ فِكرةُ أيِّ طفلٍ
أيُّ طفلٍ يعشقُ الدنيا سيمقُتُها إذا سُلِبَتْ غداً..

فالحبُّ يصعدُ ثمَّ يصعدُ ثمَّ يبلعُهُ الهواءْ

***

الوقتُ أيضاً يختفي في كلِّ ثانيةٍ
أظنُّ بأنني لا أستفيدُ من الثواني
أو أظنُّ بأنني لا أستغلُّ الوقتَ مثل الناسِ
وقتي ضيِّقٌ
ستمُرُّ ساعاتي بلمحِ البرقِ

ثمَّ تطيرُ لحظاتي إلى هذا الهواءْ

***

تُمحى تفاصيلُ المكانِ
الطاولاتُ / الماءُ في قِنِّينةٍ / 
قلمٌ صغيرٌ أسودُ اللونِ /
الحُلِيُّ / سجائرٌ …

كلُّ التفاصيلِ التي أحببْتُها
وكرهتُها تمشي بمفردها وتأتي
حيثُ أجلسُ - ليتها ماتَتْ -
تُفكِّكُ نفسَها الأشياءُ
ثم أرى على أطرافِها - تنمو كما الأعشابُ - 
أجنحةً، أراها تصعدُ الأشياءُ

تصعدُ ثم تُخفيها المسافةُ في الهواءْ

***

الفكرةُ اتَّسَعَتْ
رأيتُ وميضها
في كلِّ زاويةٍ تقافزَتِ
استدارَتْ مثل إسفنجٍ غريبٍ دائريٍّ
فانتظَرْتُ هُنيهةً… أسمكتُها!
وقفزْتُ من فرحي
وضَعْتُ الفكرةَ الأولى على كتبي
استقَرَّتْ…
ثمَّ أخرجْتُ الجحيمَ بداخلي
استحضرْتُ إلهامي وأوراقي وأقلامي…

ولم تلبَثْ طويلاً،
(كنتُ أسذَجَ قبلُ)
لم أتوقَّعِ الآتي: إذا بالفكرةِ انكمشَتْ، وطارَتْ في الهواءْ.

***

أحسَسْتُ بالحبِّ الجميلِ للحظةٍ
أحبَبْتُهُ، ذاكَ الأمانُ …
كأنَّني… لكنَّني… أدمنتُهُ
أدمنْتُ إحساساً دفيناً دافئاً جداً
تلاشى … ثم عادَ إليَّ… 
ثمَّ

إذا بهِ ينوي الرحيلَ
- ولم أُصدِّقْ … كيف أحيا؟! - 

كانَ يصعدُ ثم ينزَلُ في تردُّدِّهِ
وفكَّرْتُ …

الأحاسيسُ الدفينةُ تخرجُ الآنَ
السوادُ يعُمُّ - والأصواتُ تخفتُ - والمدى يفنى …

تركْتُ الروحَ أيضاً تختفي والحسَّ 

في هذا الهواءْ.

ليست هناك تعليقات :